الرئيسية الأخبار
جهاز العبور يطالب 300 ألف أسرة بدفع 1000 جنيه عن كل متر بدلاً عن 50 جنيهًا
بعد عشر سنوات من الإهمال و«الطناش»، فجأة استيقظت وزارة الإسكان وقررت إعادة بيع أراضى القادسية الواقعة على طريق القاهرة - الإسماعيلية الصحراوى بفرض ألف جنيه على كل متر مربع، بما يعنى رفع سعر المتر 15 إلى 20 ضعفًا عن يوم شرائه بـ 50 و70 جنيهًا قبل عقد من الزمان.
والقادسية التى تقدر مساحتها بنحو 10 آلاف فدان أصبحت الآن مسمارًا فى ظهر «المجتمعات العمرانية الجديدة»، ولأن الدولة تبيع أراضيها دون تخطيط مسبق.. فجأة «لمعت» فى عين المسئولين بعد أن اقتربت منها العاصمة الإدارية الجديدة، فأين كانت الهيئة طيلة هذه السنوات؟.. وهل هذا جزاء الذين اشتروا الأرض عندما كانت بـ «تراب الفلوس» لا يساوى مليمًا.
«جريدة الوفد» التقت المتضررين من عملية التسعير الجزافية، فأكدوا أن القرار ظالم ولا يخدم صغار الملاك، مشيرين إلى أن الدولة وضعت لهم العراقيل لتأخذ الأرض منهم ولتبيعها لكبار المستثمرين لإنشاء الكمباوندات لخدمة الأغنياء، علمًا بأن هناك أراضى حصل عليها مستثمرون من الدولة بسعر 27 جنيهًا للمتر.
300 ألف أسرة قطعت مسافة أكثر من 50 كيلو مترًا، حتى تصل إلى أرض القادسية، ويعبر أبناؤها عن معاناتهم فى وقفة احتجاجية ويتساءلون: أين كانت الدولة والمسئولون من الإعلانات التى كانت تطرح فى الجرائد والقنوات التليفزيونية عن بيع الأراضى؟!. الدولة تحاسبنا وتترك «الحيتان» يسرقون أرض البلد بتراب الفلوس.
«اغتنم الفرصة واحصل على أرض وابنى بيت لك ولأبنائك».. «فرصة لتصبح من ذوى الأملاك».. شعارات طبعت على ملايين من الأوراق الدعائية لأرض القادسية، وتحولت القادسية إلى حلم يراود الفقراء فى تملك أرض، هذا الحلم دفع آلافًا من المواطنين للتوجه إلى الشركات بكل ما يملكون من أجل تحقيق ذلك الحلم.. والآن جاءت الدولة لتحول الحلم إلى كابوس.
آلاف المواطنين من أبناء الطبقة المتوسطة والفقيرة عزموا على اقتطاع جزء من رواتبهم لدفع مقدم حجز قطعة أرض فى الصحراء أملاً أن تتحول إلى مدينة تنبض فيها الحياة، ليعيش أهلها حياة كريمة.. ولكن الآن بعد مرور أكثر من 10 سنوات جاءت الدولة لتسرق فرحتهم وقررت مصادرة أراضيهم، بدعوى إعادة البيع وبسعر جزافى.. فما كان منهم إلا الصراخ مطالبين الرئيس عبدالفتاح السيسى بالنظر إليهم وإنقاذهم.
تحقيقات «الوفد» شاركت الضحايا وقفتهم الاحتجاجية فى أرض القادسية لتستمع إليهم وترصد حكاية أرض تملكها الفقراء وطمعت فيها الحكومة.
حكاية القادسية
ترجع حكاية أرض القادسية إلى أكثر من 15 عامًا مع عضو البرلمان السابق النائب محمد السيد، حين قرر شراء أرض لاستصلاحها واستغلالها فى الزراعة.. واتفق «السيد» مع وزارة الزراعة على بيع 5 آلاف فدان وقام بالفعل بمد خراطيم المياه ودق الطلمبات لاستخراج المياه، ولكن تأتى الرياح بما لا تشتهى السفن.. فبعد أن قام بحفر الآبار اكتشف أن المياه تقع على عمق يصل إلى أكثر من 200 متر، وليس العمق هو الأزمة بل اكتشف أن المياه الموجودة مالحة.
حينها توقف محمد السيد عن العمل، وبدأ يبحث عن كيفية استرجاع حقه ورد الأرض للوزارة.
وقتها أخبرته الوزارة أنها ستشكل لجنة لتقف على حقيقة تلك الادعاءات، وكان تقرير اللجنة مفاجئًا للوزارة حيث أقرت بعد المعاينة أن الأرض لا تصلح للزراعة.
ولكن وزارة الزراعة لم تستسلم.. فقامت بتشكيل لجنة أخرى ولكنها أقرت أيضًا بعدم صلاحية الأرض للزراعة.
حينها أصدر الرئيس حسنى مبارك قرارًا برقم 66 لسنة 2009 بتبعية الأرض لهيئة المجتمعات العمرانية.
وفورًا قام النائب محمد السيد بشراء 5 آلاف فدان أخرى مجاورة للأرض، ثم قام ببيع الأرض لعدة شركات التى قامت بدورها إلى بيعها بالأمتار وقسمتها إلى مدن وشوارع.
وفى عام 2012 أعلن الدكتور كمال الجنزورى حينما كان رئيسًا للوزراء عزمه تقنين أراضى طريقى القاهرة - إسكندرية الصحراوى، وطريق القاهرة - الإسماعيلية واستبشر الناس خيرًا.. ولكن سرعان ما تحطمت الآمال حين أعلن أن الفدان سيتم تقنين وضعه ليصل سعره إلى 1٫5 مليون جنيه وتحويل النشاط مقابل 357 جنيهًا عن المتر، وهو رسم جعل الملاك يعقدون مؤتمرًا مطالبين بإلغاء القرار المبالغ فيه، ثم طعنوا عليه أمام مجلس الدولة، خاصة أن الأرض المقابلة لمدينة القادسية والمعروفة بمشروع «ستيلا مصر الجديدة» المملوكة لرجل الأعمال أيوب عدلى أيوب، تم تقنينها بسعر 27 جنيهًا للمتر، وبسعر 80 جنيهًا بالمرافق، وشركة «رامكو للإنشاءات العقارية» حصلت على سعر المتر مبانى بـ 13 جنيهًا، وشركة الاتحاد العربى التى حصلت على سعر المتر بـ 2 جنيه.
المبلغ ذاته المقرر لتقنين أراضى القادسية، ارتفع إلى 500 جنيه للمتر فى عهد رئاسة إبراهيم محلب للحكومة، وصدر قرار من هيئة المفوضين فى مجلس الدولة بمخالفة قرار التسعير للقانون ولنص المادة 5 من القانون رقم 7 لسنة 1991 والخاص بالأراضى الصحراوية، وطالبت بعرض الأمر على رئيس الجمهورية.
أهالى القادسية
«الوفد» التقت عددًا من الأهالى، واستمعت لمأساتهم.
«بدر سيد» أحد الملاك، يقول: «إنه قام بشراء قطعة أرض من شركة القادسية وأخبرته عند توقيع العقود أنها قامت بشراء هذه الأرض من وزارة الزراعة ولم تقم الوزارة بعمل تقنين عادل لهذه الأرض، وحينما أرادت الحكومة «وضع العقدة فى المنشار»، كما يقول المثل ولأنها تعرف أن الملاك من المواطنين البسطاء، فقد فرضت سعر 357 جنيهًا للمتر، ووصل التقنين بتوصيل المرافق إلى 1000 جنيه حسب ما أخبرهم موظفو جهاز مدينة العبور.
وأضاف: أن جامعة عين شمس قامت بعمل تقرير عن المنطقة واكتشفت أن الأرض تحتوى على تربة رملية زلطية بعمق متر تحت الأرض، ولا تصلح للزراعة.
وقال: «عايزين نعمر الصحراء، ونبنى مجتمع عمرانى جديد، وحينما عزمنا على الشراء كان لدينا أمل فى أن يتم تعمير المكان رغم أن كثيرين كانوا يرون أننا أشترينا أراضى لن يتم تعميرها إلا بعد مئات السنين، وحينما جاء الرئيس السيسى وانطلق بمصر نحو التنمية العمرانية أصحاب المصالح وقفوا أمامنا ليجردونا من أحلامنا ويدمروننا».
وأكد «سيد» أنهم ناشدوا الرئيس عبدالفتاح السيسى فى العديد من وسائل الإعلام، وقدموا العديد من الاستغاثات، لخفض مبلغ التقنين الصادر من وزارة الزراعة للمساواة بالشركات الأخرى لتمكينهم من البناء على الأرض لأنه يوجد نحو مليون مالك بمثل هذه الحالة.
وتحدثت «أنهار سليمان» 65 سنة، التى ظهرت على وجهها علامات الأسى والحزن بعد أن اشترت ثلاث قطع مساحة كل منها 100 متر لأبنائها الثلاثة لتؤمن مستقبلهم، تقول: ذهبت للشراء من شركة المعتز جروب فور أن تم الإعلان عن تملك قطعة أرض بسعر مغرٍ، سعر المتر 75 جنيهًا.. وقامت بالشراء بالتقسيط والآن الدولة تريد استردادها.
وأضافت «أنهار»: حينما أعلن الرئيس عن مشروع قناة السويس توجهنا جميعًا للمساهمة فى مشروع قومى لمصر، فلماذا لا ينظر إلينا الرئيس ونحن نساهم فى تحريك عجلة الاقتصاد من خلال التوسع فى المعمار؟
عادل عبدالرحيم، صاحب إحدى شركات تقسيم الأراضى الذى باع أجزاء من أرض القادسية، جاء بصحبة الملاك ليقف إلى جوارهم.. يقول: جلسنا مع الوزير وعرضنا عليه المقترحات الخاصة بتقنين الأرض ومساواتنا بشركة «ستيلا مصر الجديدة» المقابلة لأرض القادسية حيث حصل المستثمر على تقنين المتر بالمرافق بسعر 80 جنيهًا، وهناك مقترح من الدولة بتوصيل المرافق إلى الأرض، والملاك يكملون باقى التوصيلات.. وما زلنا ننتظر ردًا حكوميًا يراعى ظروف الأهالى.
التعليقات: